حقق حلمك . بقلم د. السعدي نصر

أرسل أحد التجار ابنه لكي يتعلم سر السعادة من أكبر حكيم بين البشر .
سار الفتي أربعين يوما قبل أن يصل أخيرا إلى قصر جميل يقع على قمة الجبل حيث يعيش الحكيم الذي يبحث عنه ، وبدلا من أن يلقى رجلا قديسا ، دخل قاعة تعج بالحركة والناس ، تجار يدخلون ويخرجون ، ومائدة حافلة بأشهر أطعمة هذه المنطقة من العالم ، وكان الحكيم يتكلم إلى هؤلاء وأولئك فاضطر الفتي أن ينتظره ساعتين قبل أن يحين دوره .
استمع الحكيم بانتباه إلى الفتى وهو يشرح له سبب زيارته ، لكنه قال أنه لا وقت لديه الآن ليكشف له سر السعادة ، واقترح على الفتى أن يقوم بجولة في القصر وأن يعود إليه بعد ساعتين ، وأضاف الحكيم وهو يعطي الفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت وقال له : أريدك أثناء تجوالك أن تمسك بهذه الملعقة على النحو الذي يحول دون وقوع الزيت منها .
بدأ الفتى يصعد وينزل سلالم القصر مثبتا عينيه باستمرار على الملعقة وعاد بعد ساعتين إلى مقابلة الحكيم .
سأله الحكيم : هل شاهدت السجاجيد الفارهة في غرفة طعامي ؟ هل شاهدت الحديقة التي استغرق انشاؤها عشر سنوات على يد أمهر بستاني ؟ هل شاهدت الرق الجميل في مكتبتي ؟
اعترف الفتى مرتبكا أنه لم يشاهد شيئا ، بل كان همه الوحيد عدم انسكاب نقطتي الزيت التي عهد الحكيم بهما إليه .
قال الحكيم : حسنا ، عد الآن وتعرف على روائع عالمي الخاص .
أخذ الفتى الملعقة وقد غدا أكثر ثقة بنفسه وعاد يتجول في القصر موليا انتباهه هذه المرة إلى شتى التحف الفنية المعلقة على الجدران ومشاهدة الحدائق والجبال المحيطة بها وأناقة الأزهار ، ولدى عودته تحدث بدقة عن كل ما شاهده ، وحين سأله الحكيم أين هما نقطتي الزيت التي عهدت بهما إليك ، أدرك الفتى حينذاك وهو يتحدث ضياعهما .
وهنا قال الحكيم : تلك هي النصيحة الوحيدة التي يمكن أن أسديها إليك ، إن سر السعادة هو أن تشاهد كل روائع الدنيا دون أن تنسى إطلاقا نقطتي الزيت في الملعقة .
نقطتا الزيت هما أهداف المرء وأحلامه ، تمتع بالحياة دون أن تنسى أي هدف تسعى من أجله أو مبدأ عليك أن تنصره أو حلما له حقوقا عليك .
اترك رداً